كلما ذهبت
كلما ذهبت إلى السينما شعرت أننى أسعد انسان فى الدنيا ..
\ففى كل مرة , أرى تأثير إعلاناتى العظيمة على المتفرجين .. كل المتفرجين يحفظون إعلاناتى صم , إذ ما كاد – مثلا – يظهر إعلانى عن حبر كومو على الشاشة , حتى راح الأولاد يرددون مع ممثلات الإعلان و مذيعيه :
- إيه ده اللى على فستانك .. ؟
- دى بقعة حبر كومو موش عايزة تطلع أبدا ..
- طبعا .. أصل كومو حبر هايل لا يمكن يطلع أبدا ..
- تحبى أحط لك بقعة على فستانك ؟
- ياريت .. ده حبر شكله لطيف خالص ..
هنا تحضر الممثلة زجاجة حبر كومو , و تظهر الزجاجة بين يديها فى لقطة مكبرة على الشاشة , ثم تقول :
- تعالى أما وريلك كومو بيعمل إيه ؟
تضع لها بقعة حبر على فستانها الأبيض فتقول :
- اللاه .. أنا ح بقع كل هدومى بحبر كومو ..
تخاطب المتفرجين و المتفرجات و هى ممسكة بزجاجة الحبر ..
- أظن انتى كمان لازم تبقعى كل هدومك بحبر كومو و تكتبى بيه كمان ..
و هنا ينطق صوت مذيع و مذيعة يتبادلان التعليق على الإعلان .
المذيع : بقعة حبر كومو لا يمكن تنظيفها أبدا ..
المذيعة : و الكلمة التى يكتبها كومو لا يمكن أن تزول من على الورق ..
المذيع : كومو ..
المذيعة : يكتب دون مجهود أو تعب ..
المذيع : املأ قلمك ثلاث مرات بحبر كومو ..
المذيعة : و فى الحال يجرى القلم من تلقاء نفسه على الورق .. حتى و لو كنت لا تعرف القراءة و الكتابة .
المذيع : فإن كومو وحده يقوم بكل العمل ..
المذيعة : كومو ..
المذيع : .. حبر متعلم ..
المذيعة : كومو ..
المذيع : حبر مثقف ..
المذيعة : كومو ..
المذيع : حبر مثلج صيفا .. ساخن شتاء ..
المذيعة : كومو ..
المذيع : يكتب أكثر سوادا ..
***
شعرت - كما أشعر كل مرة – بالسعادة الممتعة و أنا أسمع الأولاد يرددون كلام الإعلان أثناء عرض الإعلان . شعرت بسعادة أكبر و أنا أسمع أحد المتفرجين يصرخ بشدة ثم يصاب بالانهيار العصبى بسبب مطاردة هذا الإعلان له سنين طويلة بنفس الصور و نفس الكلمات . شعرت بمتعة عظيمة و أنا أرى متفرجا آخر يصاب بحالة جنون هياجى و يستل سكينا و يعدو نحو الشاشة لتمزيقها أثناء عرض الإعلان . سعدت بمنظر الرجل الذى أخذ زوجته و أولاده السينما و هو يحلف بالطلاق ما هو داخل سينما طول ما هذه الإعلانات تجرى وراه . فرحت و أنا أسمع تعليقات كثيرة حولى كلها قرف و زهق و شكوى لطوب الأرض من هذا الإعلان ..
فإن معنى هذا كله أن إعلانى قد حقق نجاحا جبارا , و أن فلسفتى الإعلانية هى أعظم فلسفة إعلانية فى العالم . فالإعلان لا يمكن أن يحقق نجاحا عظيما إلا إذا حطم أعصاب الناس و أورثهم الجنون بسخافته و تلامته و الحاحه و تكرار صوره و كلماته سنة و أربع سنين و عشر سنين , فى السينما التليفزيون و الشارع و كل مكان , و صبحا و ظهرا و عصرا و ليلا و فى كل زمان , حتى يستسلم له الناس اتقاء لشره , و دفعا لاضطهاده المستمر الذى يسبب الجنون الهياجى و الجنون الذهولى , و النورستانيا , و البارانويا و الملانخوليا و الصرع , و الهلاوس .
الثلاثاء :
زارنى اليوم مدير دعاية شركة صابون المكوك الأصلى للحلاقة , و طلب منى أن أتولى القيام بحملة إعلانية شاملة فى السينما و التليفزيون لصابون (المكوك الأصلى) . قال لى أنه درس الفن الإعلانى فى الخارج ثم راح يحدثنى عن التطور الهائل الذى وصل إليه هذا الفن , و كيف أن الإعلان قد أصبح متعة حقيقية للناس بعد أن تحول إلى عمل فنى متكامل , ثم قال حضرته – بكل جهل – أنه يريد أن تكون الإعلانات سريعة و مشوقة و جذابة , و لا تخلو من الابتسامة , و متجددة باستمرار لتغرى الناس بالمتابعة دون أن تدفعهم إلى القرف .
أفهمت هذا الولد الساذج الحمار – أن ما يقوله و ما يطلبه هو ضد مبادئى الإعلانية التى تستهدف تعذيب الناس , و رفضت التعامل معه .
الأربعاء :
عكفت اليوم على وضع فكرة إعلانى لصابون (منقرع) المخصص لغسيل الصحون .
الخميس :
فى منتهى السعادة , إذ حضرت اليوم العرض الأول للإعلان الذى وضعته عن أحمر شفاه (شفاشيفو) .
كنت فى منتهى المتعة و أنا أتابع أفكارى الإعلانية العظيمة مجسمة على الشاشة و كنت أكثر متعة و أنا ألاحظ تأثيرها القوى الفعال فى المتفرجين .
إن الفيلم يبدأ بداية رائعة حقا و ينتهى نهاية أكثر روعة :
المشهد الأول : الزوج يدخل من باب الشقة كالثور الهائج و هو يصرخ :
- فين الأكل ؟
الزوجة ترتعد و هى تشير إلى المائدة التى أعدتها تماما , يجلس الزوج إلى المائدة صارخا :
- فين الملوخية ؟
بيد مرتعشة , تكشف الزوجة طبق الملوخية .. يصب الزوج الملوخية فى طبقه و هو يشتمها بلا سبب :
- جتك النكد .. جتك خابط .. حمارة .. حيوانة .. طورة .. سفوخس ..
يرتشف الزوج أول ملعقة من الملوخية فيصرخ :
- دى ناقصة ملح الله لا يكسبك .
تمتد يد الزوجة إلى الملاحة لتناولها له . قبل أن تتمكن من ذلك , يدلق الزوج طبق الملوخية الساخنة على رأس الزوجة , ثم يعقب طبق الملوخية بطبق الرز يلقيه فى قفاها .
يمسك بها بعد ذلك و يضربها ضربا شديدا , لكمات , و شلاليت , يجرها من شعرها مغمى عليها حتى الحمام , يضعها تحت الدش , تفيق , يصرخ فيها :
- قومى كلمى أمك الغنية تبعت خمسين جنيه ..
تحاول الزوجة النهوض فلا تستطيع . يتعجلها و هو يجذبها من شعرها الملئ بالملوخية و الرز :
- باقولك قومى أنا عندى برتيتة قمار الليلة و عاوز الفلوس .
المشهد الثانى : الزوج يخسر الخمسين جنيها على مائدة القمار .
المشهد الثالث : الزوج يدخل البيت سكران طينة . يصرخ من الباب :
- إنتى يا زفتة ..
تتقدم نحوه الزوجة . يضربها شلوتين . ثم يحملها بين ذراعيه , و يلقى بها من نافذة الدور الأول إلى الشارع .. تأتى الإسعاف لتحملها إلى المستشفى بين الموت و الحياة .
المشهد الرابع : فى غرفة الزوجة بالمستشفى .. الزوجة ملفوفة بالشاش من أولها لآخرها . المأذون يحضر لإتمام الطلاق .. الزوج يخرج قلمه لتوقيع وثيقة الطلاق .. يخرج من جيبه قلم أحمر شفاه شفاشيفو يقدمه إلى الزوجة , يتهلل وجه الزوجة و تبدو عليها سعادة جنونية و هى تمسك بقلم أحمر شفاه شفاشيفو :
- ياى .. ياى ..
ترتمى على زوجها فى حضن غرامى :
- يا حبيبى يا روحى يا قلبى .. سامحنى .. اهئ .. اهئ .. اهئ .. أنا بابكى من فرحتى بشفاشيفو
بينما المأذون يجمع أوراقه و ينصرف تقول الزوجة :
- اضربنى .. احرقنى .. ارمينى من فوق البرج . بس كل مرة صالحنى بشفاشيفو ..
المذيعة : أحمر شفاه شفاشيفو ..
المذيع : هو سر السعادة الزوجية .
المذيعة : شفاشيفو ..
المذيع : يجعل شفتيك أكثر احمرارا .
إننى أتوقع لهذا الإعلان مستقبلا عظيما بعد تكراره على الناس ليلا و نهارا . لقد استقبله المتفرجون بمنتهى الضيق و القرف .
السبت :
طلب منى مدير دعاية شركة صابون (منقرع) لغسل الصحون أن أبتكر عبارة فى الإعلان تجرى على كل لسان للإجهاز على أعصاب الناس بتكرارها .
الأحد :
توصلت اليوم إلى العبارة الخالدة التى سيحفظها الناس صم بعد أن يعرض إعلان صابون منقرع فى دور السينما و التليفزيون , إذ كتبت فى هذا الإعلان هذا المشهد العظيم :
"قطعة صابون منقرع تقف بباب المطبخ بينما ست البيت أمام الحوض , تحاول عبثا تنظيف الأطباق القذرة ..
تدق قطعة صابون منقرع باب المطبخ فتقول ست البيت :
- من قرع ؟
- أنا منقرع .
و الله عبارة تساوى مليون جنيه .
الاثنين :
ذهبت اليوم مع الأستاذ الكبير المخرج خميس فجلة لنشاهد عرض إشارة فيلمه الجديد (فاجعة فى البلكونة) , و هى الإشارة التى توليت أنا القيام بعملها و كتابة التعليق عليها . كانت تعليقاتى – مع المشاهد – فى منتهى الروعة . إذ بدأت الإشارة بمشهد البطلة و هى تضحك فى بيت أسرتها , بينما انطبق صوت المذيع :
فاجعة فى البلكونة – قصة فتاة بريئة كانت تعيش بين أسرتها آمنة مطمئنة ..
مشهد آخر : .. و فجأة سقطت بها البلكونة ..
مشاهد متعاقبة : دراما مؤثرة – فاجعة تهز المشاعر – دموع – حزن – غم ..
مشاهد متعاقبة : لقد فقدت عمودها الفقرى و أصيبت بالخرس و الطرش و العمى و السل و الشلل ..
مشاهد متعاقبة : و لم يكتف القدر بذلك .. بل طعنها طعنة نجلاء فأصاب حبيبها بحادث قطار فصل رأسه عن جسمه .
مشاهد متعاقبة : مأساة ستبكيكم , ساعتان متواصلتان من الدموع و النكد .
مشاهد متعاقبة : إن هذه العذراء البريئة تعيش على الأمل فبعد أن شفيت من كل أمراضها انتظرت الشاب الذى ضحى من أجلها و لكن القطار طوح برأسه فى مكان مجهول .
مشاهد متعاقبة : وفاء - إخلاص – إنسانية ..
مشاهد متعاقبة : .. فقد انطلق أهل القرية يبحثون عن رأس حبيبها الذى طيرته عجلات القطار حتى يعيدوا الرأس إلى جسمه .
مشهد للبطل و هو يضع يده فى يد البطلة – و عثروا على الرأس و وضعوها على جسمه فردت إليه الحياة بمعجزة .. فيلم المعجزات !!
فاجعة فى البلكونة ..
مشهد للبطل و هو يقبل البطلة – فيلم الحب و الغرام : فاجعة فى البلكونة ..
مشهد للبطل و هو يجلس فى الكوشة مع عروسه - فيلم السعادة و الهناء : فاجعة فى البلكونة .
مشهد للبطل و هو يمشى فى الزفة فيقع رأسه على الأرض : و لكن القدر بالمرصاد .. فقد وقع رأس البطل من فوق جسمه مرة أخرى ..
مشهد للبطلة و هى تبكى : ماذا تفعل نفوسة (اسم البطلة) ؟!!
هذا ما سيجيب عليه الفيلم العالمى الكبير فاجعة فى البلكونة الذى سيعرض يوم الاثنين القادم بسينما بوبى .
كلما ذهبت إلى السينما شعرت أننى أسعد انسان فى الدنيا ..
\ففى كل مرة , أرى تأثير إعلاناتى العظيمة على المتفرجين .. كل المتفرجين يحفظون إعلاناتى صم , إذ ما كاد – مثلا – يظهر إعلانى عن حبر كومو على الشاشة , حتى راح الأولاد يرددون مع ممثلات الإعلان و مذيعيه :
- إيه ده اللى على فستانك .. ؟
- دى بقعة حبر كومو موش عايزة تطلع أبدا ..
- طبعا .. أصل كومو حبر هايل لا يمكن يطلع أبدا ..
- تحبى أحط لك بقعة على فستانك ؟
- ياريت .. ده حبر شكله لطيف خالص ..
هنا تحضر الممثلة زجاجة حبر كومو , و تظهر الزجاجة بين يديها فى لقطة مكبرة على الشاشة , ثم تقول :
- تعالى أما وريلك كومو بيعمل إيه ؟
تضع لها بقعة حبر على فستانها الأبيض فتقول :
- اللاه .. أنا ح بقع كل هدومى بحبر كومو ..
تخاطب المتفرجين و المتفرجات و هى ممسكة بزجاجة الحبر ..
- أظن انتى كمان لازم تبقعى كل هدومك بحبر كومو و تكتبى بيه كمان ..
و هنا ينطق صوت مذيع و مذيعة يتبادلان التعليق على الإعلان .
المذيع : بقعة حبر كومو لا يمكن تنظيفها أبدا ..
المذيعة : و الكلمة التى يكتبها كومو لا يمكن أن تزول من على الورق ..
المذيع : كومو ..
المذيعة : يكتب دون مجهود أو تعب ..
المذيع : املأ قلمك ثلاث مرات بحبر كومو ..
المذيعة : و فى الحال يجرى القلم من تلقاء نفسه على الورق .. حتى و لو كنت لا تعرف القراءة و الكتابة .
المذيع : فإن كومو وحده يقوم بكل العمل ..
المذيعة : كومو ..
المذيع : .. حبر متعلم ..
المذيعة : كومو ..
المذيع : حبر مثقف ..
المذيعة : كومو ..
المذيع : حبر مثلج صيفا .. ساخن شتاء ..
المذيعة : كومو ..
المذيع : يكتب أكثر سوادا ..
***
شعرت - كما أشعر كل مرة – بالسعادة الممتعة و أنا أسمع الأولاد يرددون كلام الإعلان أثناء عرض الإعلان . شعرت بسعادة أكبر و أنا أسمع أحد المتفرجين يصرخ بشدة ثم يصاب بالانهيار العصبى بسبب مطاردة هذا الإعلان له سنين طويلة بنفس الصور و نفس الكلمات . شعرت بمتعة عظيمة و أنا أرى متفرجا آخر يصاب بحالة جنون هياجى و يستل سكينا و يعدو نحو الشاشة لتمزيقها أثناء عرض الإعلان . سعدت بمنظر الرجل الذى أخذ زوجته و أولاده السينما و هو يحلف بالطلاق ما هو داخل سينما طول ما هذه الإعلانات تجرى وراه . فرحت و أنا أسمع تعليقات كثيرة حولى كلها قرف و زهق و شكوى لطوب الأرض من هذا الإعلان ..
فإن معنى هذا كله أن إعلانى قد حقق نجاحا جبارا , و أن فلسفتى الإعلانية هى أعظم فلسفة إعلانية فى العالم . فالإعلان لا يمكن أن يحقق نجاحا عظيما إلا إذا حطم أعصاب الناس و أورثهم الجنون بسخافته و تلامته و الحاحه و تكرار صوره و كلماته سنة و أربع سنين و عشر سنين , فى السينما التليفزيون و الشارع و كل مكان , و صبحا و ظهرا و عصرا و ليلا و فى كل زمان , حتى يستسلم له الناس اتقاء لشره , و دفعا لاضطهاده المستمر الذى يسبب الجنون الهياجى و الجنون الذهولى , و النورستانيا , و البارانويا و الملانخوليا و الصرع , و الهلاوس .
الثلاثاء :
زارنى اليوم مدير دعاية شركة صابون المكوك الأصلى للحلاقة , و طلب منى أن أتولى القيام بحملة إعلانية شاملة فى السينما و التليفزيون لصابون (المكوك الأصلى) . قال لى أنه درس الفن الإعلانى فى الخارج ثم راح يحدثنى عن التطور الهائل الذى وصل إليه هذا الفن , و كيف أن الإعلان قد أصبح متعة حقيقية للناس بعد أن تحول إلى عمل فنى متكامل , ثم قال حضرته – بكل جهل – أنه يريد أن تكون الإعلانات سريعة و مشوقة و جذابة , و لا تخلو من الابتسامة , و متجددة باستمرار لتغرى الناس بالمتابعة دون أن تدفعهم إلى القرف .
أفهمت هذا الولد الساذج الحمار – أن ما يقوله و ما يطلبه هو ضد مبادئى الإعلانية التى تستهدف تعذيب الناس , و رفضت التعامل معه .
الأربعاء :
عكفت اليوم على وضع فكرة إعلانى لصابون (منقرع) المخصص لغسيل الصحون .
الخميس :
فى منتهى السعادة , إذ حضرت اليوم العرض الأول للإعلان الذى وضعته عن أحمر شفاه (شفاشيفو) .
كنت فى منتهى المتعة و أنا أتابع أفكارى الإعلانية العظيمة مجسمة على الشاشة و كنت أكثر متعة و أنا ألاحظ تأثيرها القوى الفعال فى المتفرجين .
إن الفيلم يبدأ بداية رائعة حقا و ينتهى نهاية أكثر روعة :
المشهد الأول : الزوج يدخل من باب الشقة كالثور الهائج و هو يصرخ :
- فين الأكل ؟
الزوجة ترتعد و هى تشير إلى المائدة التى أعدتها تماما , يجلس الزوج إلى المائدة صارخا :
- فين الملوخية ؟
بيد مرتعشة , تكشف الزوجة طبق الملوخية .. يصب الزوج الملوخية فى طبقه و هو يشتمها بلا سبب :
- جتك النكد .. جتك خابط .. حمارة .. حيوانة .. طورة .. سفوخس ..
يرتشف الزوج أول ملعقة من الملوخية فيصرخ :
- دى ناقصة ملح الله لا يكسبك .
تمتد يد الزوجة إلى الملاحة لتناولها له . قبل أن تتمكن من ذلك , يدلق الزوج طبق الملوخية الساخنة على رأس الزوجة , ثم يعقب طبق الملوخية بطبق الرز يلقيه فى قفاها .
يمسك بها بعد ذلك و يضربها ضربا شديدا , لكمات , و شلاليت , يجرها من شعرها مغمى عليها حتى الحمام , يضعها تحت الدش , تفيق , يصرخ فيها :
- قومى كلمى أمك الغنية تبعت خمسين جنيه ..
تحاول الزوجة النهوض فلا تستطيع . يتعجلها و هو يجذبها من شعرها الملئ بالملوخية و الرز :
- باقولك قومى أنا عندى برتيتة قمار الليلة و عاوز الفلوس .
المشهد الثانى : الزوج يخسر الخمسين جنيها على مائدة القمار .
المشهد الثالث : الزوج يدخل البيت سكران طينة . يصرخ من الباب :
- إنتى يا زفتة ..
تتقدم نحوه الزوجة . يضربها شلوتين . ثم يحملها بين ذراعيه , و يلقى بها من نافذة الدور الأول إلى الشارع .. تأتى الإسعاف لتحملها إلى المستشفى بين الموت و الحياة .
المشهد الرابع : فى غرفة الزوجة بالمستشفى .. الزوجة ملفوفة بالشاش من أولها لآخرها . المأذون يحضر لإتمام الطلاق .. الزوج يخرج قلمه لتوقيع وثيقة الطلاق .. يخرج من جيبه قلم أحمر شفاه شفاشيفو يقدمه إلى الزوجة , يتهلل وجه الزوجة و تبدو عليها سعادة جنونية و هى تمسك بقلم أحمر شفاه شفاشيفو :
- ياى .. ياى ..
ترتمى على زوجها فى حضن غرامى :
- يا حبيبى يا روحى يا قلبى .. سامحنى .. اهئ .. اهئ .. اهئ .. أنا بابكى من فرحتى بشفاشيفو
بينما المأذون يجمع أوراقه و ينصرف تقول الزوجة :
- اضربنى .. احرقنى .. ارمينى من فوق البرج . بس كل مرة صالحنى بشفاشيفو ..
المذيعة : أحمر شفاه شفاشيفو ..
المذيع : هو سر السعادة الزوجية .
المذيعة : شفاشيفو ..
المذيع : يجعل شفتيك أكثر احمرارا .
إننى أتوقع لهذا الإعلان مستقبلا عظيما بعد تكراره على الناس ليلا و نهارا . لقد استقبله المتفرجون بمنتهى الضيق و القرف .
السبت :
طلب منى مدير دعاية شركة صابون (منقرع) لغسل الصحون أن أبتكر عبارة فى الإعلان تجرى على كل لسان للإجهاز على أعصاب الناس بتكرارها .
الأحد :
توصلت اليوم إلى العبارة الخالدة التى سيحفظها الناس صم بعد أن يعرض إعلان صابون منقرع فى دور السينما و التليفزيون , إذ كتبت فى هذا الإعلان هذا المشهد العظيم :
"قطعة صابون منقرع تقف بباب المطبخ بينما ست البيت أمام الحوض , تحاول عبثا تنظيف الأطباق القذرة ..
تدق قطعة صابون منقرع باب المطبخ فتقول ست البيت :
- من قرع ؟
- أنا منقرع .
و الله عبارة تساوى مليون جنيه .
الاثنين :
ذهبت اليوم مع الأستاذ الكبير المخرج خميس فجلة لنشاهد عرض إشارة فيلمه الجديد (فاجعة فى البلكونة) , و هى الإشارة التى توليت أنا القيام بعملها و كتابة التعليق عليها . كانت تعليقاتى – مع المشاهد – فى منتهى الروعة . إذ بدأت الإشارة بمشهد البطلة و هى تضحك فى بيت أسرتها , بينما انطبق صوت المذيع :
فاجعة فى البلكونة – قصة فتاة بريئة كانت تعيش بين أسرتها آمنة مطمئنة ..
مشهد آخر : .. و فجأة سقطت بها البلكونة ..
مشاهد متعاقبة : دراما مؤثرة – فاجعة تهز المشاعر – دموع – حزن – غم ..
مشاهد متعاقبة : لقد فقدت عمودها الفقرى و أصيبت بالخرس و الطرش و العمى و السل و الشلل ..
مشاهد متعاقبة : و لم يكتف القدر بذلك .. بل طعنها طعنة نجلاء فأصاب حبيبها بحادث قطار فصل رأسه عن جسمه .
مشاهد متعاقبة : مأساة ستبكيكم , ساعتان متواصلتان من الدموع و النكد .
مشاهد متعاقبة : إن هذه العذراء البريئة تعيش على الأمل فبعد أن شفيت من كل أمراضها انتظرت الشاب الذى ضحى من أجلها و لكن القطار طوح برأسه فى مكان مجهول .
مشاهد متعاقبة : وفاء - إخلاص – إنسانية ..
مشاهد متعاقبة : .. فقد انطلق أهل القرية يبحثون عن رأس حبيبها الذى طيرته عجلات القطار حتى يعيدوا الرأس إلى جسمه .
مشهد للبطل و هو يضع يده فى يد البطلة – و عثروا على الرأس و وضعوها على جسمه فردت إليه الحياة بمعجزة .. فيلم المعجزات !!
فاجعة فى البلكونة ..
مشهد للبطل و هو يقبل البطلة – فيلم الحب و الغرام : فاجعة فى البلكونة ..
مشهد للبطل و هو يجلس فى الكوشة مع عروسه - فيلم السعادة و الهناء : فاجعة فى البلكونة .
مشهد للبطل و هو يمشى فى الزفة فيقع رأسه على الأرض : و لكن القدر بالمرصاد .. فقد وقع رأس البطل من فوق جسمه مرة أخرى ..
مشهد للبطلة و هى تبكى : ماذا تفعل نفوسة (اسم البطلة) ؟!!
هذا ما سيجيب عليه الفيلم العالمى الكبير فاجعة فى البلكونة الذى سيعرض يوم الاثنين القادم بسينما بوبى .
هنأنى الأستاذ خميس فجلة بحرارة على إشارة الفيلم . اعترض أحد الموجودين على أن الإشارة تحكى كل قصة الفيلم , فقال الأستاذ خميس فجلة أن الإشارة عال قوى كده لأن الجمهور عاوز كده
السبت :
قرأت اليوم أسعد خبر فى الدنيا .
الخبر منشور بالصحف , و كل صحيفة أفردت له مساحة ضخمة .
يقول الخبر أن الأستاذ أحمد بطيخة اصطحب زوجته و أولاده إلى السينما و ترك السيدة حماته – و هى عجوز قعيدة – أمام التليفزيون فى البيت ..
و فجأة خرج عليها من الشاشة الصغيرة إعلان حبر كومو , فاستغاثت السيدة العجوز بالجيران و لكن أحدا لم يسمع استغاثتها , فلم تجد بدا من مخاطبة الإعلان و هى تتوسل إليه ..
و الله عندى حبر كومو .. ابعد بقى ربنا يهديك ..
و لكن إعلان كومو ظل على الشاشة دون أن ينصرف و هى تقسم له فى خوف و فزع :
و الله باشترى حبر كومو .. كفاية ..
و يبدو أن الإعلان شعر بأن السيدة وحيدة فى البيت , فتقدم منها قائلا :
- طب ورينى هو فين حبر كومو ؟
و لما كانت السيدة عاجزة عن الحركة , فلقد راحت تطلق صرخات رعب متواصلة دون أن يسمعها أحد حتى فاضت روحها متأثرة بالإعلان .
أسعد خبر يؤكد نجاحى المهول فى الفن الإعلامى ..
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق