لم يكن ينقص في تلك الليلة الشتائية العاصفة والمخيفة إلا أن تنقطع الكهرباء ، ويتحول البيت وكأنه سفينة تلاطمها العواصف .
حتى ذلك الحين لم أكن أعرف أن للظلام أيضا إحساس جميل يضفيه على أرواحنا المتجمدة،فقد أسرعت العائلة نحو الصالة، وبدأت أمي تواسي خوف الصغار؛ وجدت بعد قليل من البحث شمعة مهملة من آخر المناسبات.
جلسنا حول المدفأة ، أحضر أبي شيئاً مهملاً من الماضي البعيد، الفانوس الذي رافق الأسر في لياليهم الماضية، صارت الوجوه أوضح، وبدأت الأحاديث تنسج وتحلو لعلها تُطمئن قلوب الصغار وفي بعض الأحيان يتخللها شيء من الضحك الفاتر يقطعه قصف رعد أو لمعة برق أو زوبعة مطرية.
كان الحديث أجمل على نغمات الرياح، ورقصات الأشجار، ها هو أبي يتخلى عن سماع أخبار العالم ويجلس ليستمع لحكايات أختي الصغيرة مع معلمات المدرسة، لعله يدفئ قلبها بقليل من الطمأنينة، أو ينسيها هذا الجو غير مألوف.
ها هو الظلام يحررنا من قيود المدنية والحداثة، ويفك أيدينا من سلاسل الكمبيوتر وقيود (الريموت كنترول) ، ويزيل الأسلاك الشائكة بيني وبين غرف أخواني.
أخي الكبير تخلى عن دور المستمع في برنامج الاتجاه المعاكس وها هو يجلس أمامي يستعرض قدرته في النقاش ، يتدخل أبي ببعض الجمل، ثم يعود متابعاً أحاديثه مع أختي الصغيرة يروي لها حكايات الماضي أيام الفانوس وموقد الحطب.
فيما بعد بدأ الهدوء ينساب على الجلسة وأغُلقت بعض جفون الجالسين ، فأمعنت النظر في تلك الشمعة محاولاً أن أقول لها اصمدي، أرجوك لا تذوبي قبل أن تعود الكهرباء.
كانت الشمعة كوجه المرأة الباكي تهمي منها الدموع لكي تتجمع بالأسفل لتظل شاهدة على ذكراها، النظر للشمعة يُخبرك أنها كانت تبث الحياة والحب في الأسر جميعا، ولكنها ضاعت كما ضاع الحب بين أضواء أجهزة الكهرباء، استطاعت الشمعة أن تلم العائلة أكثر من مرض أمي وأكثر من كل وجبات الحلوى التي كانت توضع في الصالة، لقد جعلت عائلتنا كعنقود عنب، وفجأة عادت الكهرباء وانفرط عنقود العنب ، وذهب نور الشمعة مع أنها ما زالت تشتعل وفر الجميع إلى غرفهم وعاد صوت التلفاز يبث إزعاجه في كل مكان، وجلست أنا وحدي بجانب الشمعة أقدم اعتذاري لها فقد ذهب الجميع دون أن يقدم لها أي أحد كلمة شكر، بعد لحظات ذابت تلك الشمعة وذابت تلك الأحاديث التي جمعت كل الأسرة.
في اليوم التالي اشتريت شمعه أخرى وتمنيت أن يزورنا الظلام مرة أخرى دون أي متطفل كهربائي.
حتى ذلك الحين لم أكن أعرف أن للظلام أيضا إحساس جميل يضفيه على أرواحنا المتجمدة،فقد أسرعت العائلة نحو الصالة، وبدأت أمي تواسي خوف الصغار؛ وجدت بعد قليل من البحث شمعة مهملة من آخر المناسبات.
جلسنا حول المدفأة ، أحضر أبي شيئاً مهملاً من الماضي البعيد، الفانوس الذي رافق الأسر في لياليهم الماضية، صارت الوجوه أوضح، وبدأت الأحاديث تنسج وتحلو لعلها تُطمئن قلوب الصغار وفي بعض الأحيان يتخللها شيء من الضحك الفاتر يقطعه قصف رعد أو لمعة برق أو زوبعة مطرية.
كان الحديث أجمل على نغمات الرياح، ورقصات الأشجار، ها هو أبي يتخلى عن سماع أخبار العالم ويجلس ليستمع لحكايات أختي الصغيرة مع معلمات المدرسة، لعله يدفئ قلبها بقليل من الطمأنينة، أو ينسيها هذا الجو غير مألوف.
ها هو الظلام يحررنا من قيود المدنية والحداثة، ويفك أيدينا من سلاسل الكمبيوتر وقيود (الريموت كنترول) ، ويزيل الأسلاك الشائكة بيني وبين غرف أخواني.
أخي الكبير تخلى عن دور المستمع في برنامج الاتجاه المعاكس وها هو يجلس أمامي يستعرض قدرته في النقاش ، يتدخل أبي ببعض الجمل، ثم يعود متابعاً أحاديثه مع أختي الصغيرة يروي لها حكايات الماضي أيام الفانوس وموقد الحطب.
فيما بعد بدأ الهدوء ينساب على الجلسة وأغُلقت بعض جفون الجالسين ، فأمعنت النظر في تلك الشمعة محاولاً أن أقول لها اصمدي، أرجوك لا تذوبي قبل أن تعود الكهرباء.
كانت الشمعة كوجه المرأة الباكي تهمي منها الدموع لكي تتجمع بالأسفل لتظل شاهدة على ذكراها، النظر للشمعة يُخبرك أنها كانت تبث الحياة والحب في الأسر جميعا، ولكنها ضاعت كما ضاع الحب بين أضواء أجهزة الكهرباء، استطاعت الشمعة أن تلم العائلة أكثر من مرض أمي وأكثر من كل وجبات الحلوى التي كانت توضع في الصالة، لقد جعلت عائلتنا كعنقود عنب، وفجأة عادت الكهرباء وانفرط عنقود العنب ، وذهب نور الشمعة مع أنها ما زالت تشتعل وفر الجميع إلى غرفهم وعاد صوت التلفاز يبث إزعاجه في كل مكان، وجلست أنا وحدي بجانب الشمعة أقدم اعتذاري لها فقد ذهب الجميع دون أن يقدم لها أي أحد كلمة شكر، بعد لحظات ذابت تلك الشمعة وذابت تلك الأحاديث التي جمعت كل الأسرة.
في اليوم التالي اشتريت شمعه أخرى وتمنيت أن يزورنا الظلام مرة أخرى دون أي متطفل كهربائي.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق